رسالة رمضان – النكتة الثالثة

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

﴿شهْرُ رَمضَانَ الَّذى أُنْزِلَ فيهِ القرآن هُدىً للِنَّاسِ وَبَيّنَاتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقَانِ﴾ (البقرة: 185)

……………….

* النكتة الثالثة: أن حكمة واحدة للصوم من بين حكمه الغزيرة المتوجهة إلى الحياة الاجتماعية للإنسان هي:

أن الناس قد خُلقوا على صورٍ متباينة من حيث المعيشة، وعليه يدعو الله سبحانه الأغنياءَ لمدّ يد العون لإخوانهم الفقراء. ولا جرم أن الأغنياء لا يستطيعون أن يستشعروا شعوراً كاملاً حالات الفقر الباعثة على الرأفة، ولا يمكنهم أن يحسّوا إحساساً تاماً بجوعهم، إلا من خلال الجوع المتولد من الصوم.. فلولا الصوم لما تمكّن كثير من الأغنياء التابعين لأهوائهم أن يُدركوا مدى ألم الجوع والفقر ومدى حاجة الفقراء إلى الرأفة والرحمة. لذا تصبح الشفقة على بني الجنس -المغروزة في كيان الإنسان- هي إحدى الأسس الباعثة على الشكر الحقيقي، حيث يمكن أن يجد كلّ فردٍ أيًّا كان مَنْ هو أفقرَ منه من جهة، فهو مكلّف بالإشفاق عليه.

فلو لم يكن هناك اضطرار لإذاقة النفس مرارةَ الجوع، لما قام أحد أصلاً بإسداء الإحسان إلى الآخرين والذي يتطلبه التعاون المكلّف به برابطة الشفقة على بني الجنس، وحتى لو قام به لما أتقنه على الوجه الأكمل، ذلك لأنه لا يشعر بتلك الحالة في نفسه شعوراً حقيقياً.

المكتوب التاسع والعشرون

بديع الزمان سعيد النورسي

 

2076 مرة


Bir cevap yazın

E-posta hesabınız yayımlanmayacak.