بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
﴿شهْرُ رَمضَانَ الَّذى أُنْزِلَ فيهِ القرآن هُدىً للِنَّاسِ وَبَيّنَاتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقَانِ﴾ (البقرة: 185)
…………………….
* النكتة التاسعة: إن صوم رمضان من حـيث كسرهِ الربوبية المـوهومة للنـفس كسـرًا مباشرًا ومن ثم تعريفها عبوديتها وإظهار عجزها أمامها، فيه حكم كثيرة، منها:
أن النفس لا تريد أن تعرف ربها، بل تريد أن تدّعي الربوبية بفرعونية طاغية. فمهما عُذّبَت وقُهرت فإن عِرق تلك الربوبية الموهومة يظل باقيًا فيها.
فلا يتحطم ذلك العرق ولا يركع إلا أمام سلطان الجوع.
وهكذا، فصيام رمضان المبارك ينزل ضربة قاضية مباشرة على الناحية الفرعونية للنفس. فيكسر شوكتها مُظهرًا لها عجزها، وضعفها، وفقرها، ويعرّفها عبوديتها.
وقد جاء في إحدى روايات الحديث: أن الله سبحانه قال للنفس: (مَن أنا وما أنتِ؟) أجابت النفس: (أنا أنا، أنت أنت) فعذّبها الربُ سبحانه وألقاها في جهنم، ثم سألها مرة أخرى فأجابت: (أنا أنا، أنت أنت) ومهما أذاقها من صنوف العذاب لم تردع عن أنانيتها.. ثم عذبها الله تعالى بالجوع، أي تركها جائعة، ثم سألها مرة أخرى: من أنا وما أنتِ؟ فأجابت النفس: أنتَ ربيِ الرحيم وأنا عبدُك العاجز.
اللّهم صل وسلم على سيدنا محمد صلاةً تكون لك رضاءً ولحقّه أداءً
بعدد ثواب حروف القرآن في شهر رمضان وعلى آله وصحبه وسلم.
﴿سُبحانَ ربّكَ رَبِّ العِزَّةِ عمَّا يَصفون * وسلامٌ على المُرسَلين * والحمدُ لله رَبِّ العالَمين﴾ آمين.
(حاشية) اعتذار: لقد كتبت هذه الرسالة على عجل خلال أربعين دقيقة فقط، ولكوني وكاتب المسودة مصابين بالمرض ومرهقين معاً، فلا غرو أن يعتري الرسالة شئ من القصور، لذا نستميح العذر من إخواننا ونرجوهم تصحيح ما يرونه مناسبًا. المؤلف.
من المكتوب التاسع والعشرون
بديع الزمان سعيد النورسي
3269 مرة