تتغيَّر ماهيّةُ الخِصالِ بتغيُّر المَنازِل

خَصْلةٌ واحِدةٌ في مَواضِعَ مُتَبايِنةٍ وصُورةٍ واحِدةٍ تكُونُ تارةً غُولًا بَشِعًا، وتارةً مَلَكًا رَقيقًا ومَرّةً صالِحةً وأُخرَى طالِحةً. أَمثِلةُ ذلك الآتي:

إنَّ عِزّةَ النَّفسِ الَّتي يَشعُرُ بها الضَّعِيفُ تُجاهَ القَوِيِّ، لو كانَت في القَوِيِّ لَكانَت تَكَبُّـرًا وغُرُورًا؛ وكذا التَّواضُعُ الَّذي يَشعُرُ به القَوِيُّ تُجاهَ الضَّعِيفِ، لو كان في الضَّعِيفِ لَكان تَذَلُّلًا ورِياءً.

إنَّ جِدِّيّةَ وَلِيِّ الأَمرِ في مَقامِه وَقارٌ، أمّا لِينُه فذِلّةٌ.

كما أنَّ جِدِّيَّتَه في بَيتِه دَليلٌ على الكِبْرِ، ولِينَه دَليلٌ على التَّواضُعِ.

إنَّ صَفْحَ المَرءِ عنِ المُسِيئين وتَضحِيَتَه بما يَملِكُ، عَمَلٌ صالِحٌ؛ بَينَما هو خِيانةٌ وعَمَلٌ طالِحٌ إن كان مُتَكلِّمًا عنِ الجَماعةِ.

إنَّ التَّوَكُّلَ في تَرتِيبِ المُقَدِّماتِ كَسَلٌ، بَينَما تَفوِيضُ الأَمرِ إلى اللهِ في تَرَتُّبِ النَّتِيجةِ تَوَكُّلٌ يَأمُرُ به الشَّرعُ.

إنَّ رِضَى المَرءِ عن ثَمَرةِ سَعيِه وقِسْمَتِه قَناعةٌ مَمدُوحةٌ، تُقَوِّي فيه الرَّغبةَ في مُواصَلةِ السَّعيِ؛ بَينَما الِاكتِفاءُ بالمَوجُودِ قَناعةٌ لا تُرغَبُ، بل تَقاصُرٌ في الهِمّةِ.

وهُناك أَمثِلةٌ كَثِيرةٌ على هذا: فالقُرآنُ الكَرِيمُ يَذكُرُ «الصّالِحاتِ» و«التَّقوَى» ذِكْرًا مُطلَقًا، ويَرمُزُ في «إبهامِهما» إلى تَأْثيرِ المَقاماتِ والمَنازِلِ؛ فإيجازُه تَفصِيلٌ، وسُكُوتُه كَلامٌ واسِعٌ.

* * *

1217 مرة

نفس المواد


Bir cevap yazın

E-posta hesabınız yayımlanmayacak.